منذ قديم الأيام وهناك عقوبة دنيوية لمن يظلم أخر بأي شكل من أنواع الظلم: كأن يشي به أو يغتصب حقه، أو يشهد ضده شهادة زور وما شابه, وكذلك من يسرقون لا سيما الذين يتحجبون بغطاء الفضيلة،
وتعتقد أنهم أنبياء نتيجة لقلقة اللسان وارتدائهم الظاهر الجميل , فهؤلاء الملاعين يظنون بأن خدعتهم ستستمر، وكما خدعوا الكرماء سيخدعون أخرين،
,إلا أن الحقيقة أنه في كل خدعة يزاح الستار عن أفعالهم؛ ليراهم الغير دون رتوش, ولكن الناس تتجنب شرهم من الانتقاد، مقابلها ما ترفع نظرك لترى مصيرهم
إلا وقد رأيت عاقبتهم السيئة: ذاك مشلول وأخر فقد عقله ونوع يعاني الإهمال الجسيم من ذريته ويرتدي الملابس الرثة ويأكل بقايا وفضلات الآخرين،
ولاغرابة أن رأيت أحدهم يموت موتة بشعة في حادث سير أو يقتل بسبب كلمة تافهة، أو موقف عابر يحدد حياته وهذا كله معلوم نتيجة الذنوب المرتكبة، فمعظم الناس تموت بتلك الحوادث المروعة بسبب معاصيها ،
إن الموضوع لا ينتهي عند حد أرتكاب الذنوب وحصيلتها في العقوبة الدنيوية، بل هناك أثار تلاحق من توفي بذنبه المرتهن , فالوزر الذي قام به في دنياه أصبح منهج لجيل عمل معه أو عاصره فخطى بعضهم بتلك الخطوات الرذيلة فعلموا من جاء بعدهم، وكل ذلك كان سببه أول من فتق الذنب .
أما الفئة المجتمعية المستهدفة بارتكاب جريمة الظلامات فلا يمكن تحديدها، فكما يؤديها الساسة كذلك التجار والوجهاء والبسطاء من الناس ليس هؤلاء فحسب , بل حتى بعض الدعاة ورجال الدين أو بالأحرى من تغطى بستار الإسلام أو من القساوسة و الرهبان ,
ولكن الساسة ومن تولى مهمة السلطة ومسؤولية الدولة هو الأكثر ابتلاء من غيره إذ يبتلى بالعديد من الظلامات بحجة حماية نفسه من المعارضين أو الخصوم , وتتمثل خطورة دوره في تربية الاجيال سواء على الصعيد التعليمي، أو التعامل في ساحة الميدان؛ فترى عامة الناس
– ومن بينهم الجيل الصاعد – سلوكه ووطنيته واهتماماته وتفاعلاته فيما يخص الشعب فإن تطابق تصرفه مع ما يدرسه ذلك الجيل من تاريخ الشخصيات الوطنية الناصع ومواقفهم المشرفة في بناء الوطن؛
فإنه قد ساهم في تربية سليمة وإن ذهب باتجاه منحرف خالف فيه منظومة الاخلاق والشعور الوطني فبهذا غرس بذرة طالحة في نفوسهم يتحمل وزرها ووزر من عمل بها من بعده .
وهنا لكل تصرف وسلوك مشين عاقبته الوخيمة وعلى المرء ألا يتنازل عن إنسانيته وضميره في كل الاحوال، مهما صعبت الظروف. وكذلك غير مطلوب العيش بمثالية فوق الحالة الطبيعية، إنما التعامل مع الآخر بحالة الانسان السوي والمحافظة على العلاقة مع الله سبحانه وتعالى،
ولو بالوسطية تؤدي ما هو مطلوب منك تجاه ربك وتعمل بالحلال وتنتهي عن كل حرام , فالغاية ألا يكون الفرد داعيه أو عالما بقدر ما يكون إنسانا ويحقق الهدف من دينه فالدين المعاملة.